سورة المؤمنون - تفسير تفسير الزمخشري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (المؤمنون)


        


{وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ (17)}
الطرائق: السموات، لأنه طورق بعضها فوق بعض كمطارقة النعل، وكل شيء فوقه مثله فهو طريقة: أو لأنها طرق الملائكة ومتقلباتهم: وقيل: الأفلاك؛ لأنها طرائق الكواكب فيها مسيرها: أراد بالخلق السموات، كأنه قال: خلقناهم فوقهم {وَمَا كُنَّا} عنها {غافلين} وعن حفظها وإمساكها أن تقع فوقهم بقدرتنا: أو أراد به الناس وأنه أنما خلقها فوقهم ليفتح عليهم الأرزاق والبركات منها، وينفعهم بأنواع منافعها، وما كان غافلاً عنهم وما يصلحهم.


{وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ (18)}
{بِقَدَرٍ} بتقدير يسلمون معه من المضرة، ويصلون إلى المنفعة. أو بمقدار ما علمناه من حاجاتهم ومصالحهم. {فَأَسْكَنَّاهُ فِي الأرض} كقوله: {فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الأرض} [الزمر: 21] وقيل: جعلناه ثابتاً في الأرض. وقيل: إنها خمسة أنهار: سيحون نهر الهند. وجيحون: نهر بلخ، ودجلة والفرات: نهرا العراق. والنيل: نهر مصر، أنزلها الله من عين واحدة من عيون الجنة، فاستودعها الجبال، وأجراها في الأرض، وجعل فيها منافع للناس في أصناف معيشهم. وكما قدر على أنزاله فهو قادر على رفعه وإزالته. وقوله: {على ذَهَابٍ بِهِ} من أوقع النكرات وأحزها للمفصل. والمعنى: على وجه من وجوه الذهاب به وطريق من طرقه. وفيه إيذان باقتدار المذهب، وأنه لا يتعايى عليه شيء إذا أراده، وهو أبلغ في الإيعاد، من قوله: {قُلْ أَرَءيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْراً فَمَن يَأْتِيكُمْ بِمَاء مَّعِينٍ} [الملك: 30] فعلى العباد أن يستعظموا النعمة في الماء ويقيدوها بالشكر الدائم، ويخافوا نفارها إذا لم تشكر.


{فَأَنْشَأْنَا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (19) وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآَكِلِينَ (20)}
خصّ هذه الأنواع الثلاثة، لأنها أكرم الشجر وأفضلها وأجمعها للمنافع. ووصف النخل والعنب بأن ثمرهما جامع بين أمرين: بأنه فاكهة يتفكه بها، وطعام يؤكل رطباً ويابساً، رطباً وعنباً، وتمراً وزبيباً. والزيتون بأنّ دهنه صالح للاستصباح والاصطباغ جميعاً، ويجوز أن يكون قوله: {وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ} من قولهم: يأكل فلان من حرفة يحترفها، ومن ضيعة يغتلها ومن تجارة يتربح بها: يعنون أنها طعمته وجهته التي منها يحصل رزقه، كأنه قال: وهذه الجنات وجوه أرزاقكم ومعايشكم، منها ترتزقون وتتعيشون {وَشَجَرَةً} عطف على جنات. وقرئت مرفوعة على الابتداء، أي: ومما أنشيء لكم شجرة و{طُورِ سَيْنَآءَ} وطور سنين، لا يخلو إما أن يضاف فيه الطور إلى بقعة اسمها سيناء وسينون، وإمّا أن يكون اسماً للجبل مركباً من مضاف ومضاف إليه، كامريء القيس، وكبعلبك، فيمن أضاف. فمن كسر سين سيناء فقد منع الصرف للتعريف والعجمة أو التأنيث؛ لأنها بقعة، وفعلاء لا يكون ألفه للتأنيث كعلباء وحرباء. ومن فتح فلم يصرف؛ لأنّ الألف للتأنيث كصحراء. وقيل: هو جبل فلسطين. وقيل: بين مصر وإيلة. ومنه نودي موسى عليه السلام.
وقرأ الأعمش: {سينا} على القصر {بالدهن} في موضع الحال، أي: تنبت وفيها الدهن. وقرئ: {تنبت} وفيه وجهان، أحدهما: أن أنبت بمعنى نبت. وأنشد لزهير:
رَأَيْتُ ذَوِي الْحَاجَاتِ حَوْلَ بُيُوتِهِم *** قَطِيناً لَهُمْ حَتَّى إذَا أَنْبَتَ الْبَقْلُ
والثاني: أنّ مفعوله محذوف، أي: تنبت زيتونها وفيه الزيت. وقرئ: {تنبت} بضم التاء وفتح الباء، وحكمه حكم تنبت.
وقرأ ابن مسعود: تخرج الدهن وصبع الآكلين. وغيره: تخرج بالدهن: وفي حرف أبيّ: {تثمر الدهن} وعن بعضهم: تنبت بالدهان.
وقرأ الأعمش: {وصبغاً} وقرئ: {وصباغ} ونحوهما: دبغ ودباغ. والصبغ: الغمس للائتدام. وقيل: هي أوّل شجرة نبتت بعد الطوفان، ووصفها الله تعالى بالبركة في قوله: {يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مباركة} [النور: 35].

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8